دور مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي السعودي
تولي جهود التنويع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية اهتماماً متزايداً بالقطاعات غير النفطية، ومن أبرزها الزراعة التي باتت تحظى بمكانة متنامية، رغم أنها لا تزال تمثل نسبة محدودة من النشاط الاقتصادي الكلي. ومع سعي المملكة لمضاعفة الإنتاج الزراعي بحلول عام 2030، تظهر الأرقام الحديثة أن الناتج المحلي الإجمالي الزراعي بلغ حوالي 114 مليار ريال سعودي في عام 2024 (ما يعادل 30.38 مليار دولار أمريكي). ويعزز هذا الرقم القياسي أهمية مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي كعنصر محوري في الاقتصاد الوطني الأوسع.
رؤية 2030: مضاعفة الإنتاج وتعزيز مساهمة الزراعة في الناتج المحلي
في إطار رؤية السعودية 2030، تعمل الجهات المعنية على إعادة تشكيل القطاع الزراعي بهدف رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من خلال مضاعفة الإنتاج مقارنة بالسنوات الأولى من تنفيذ الرؤية. ويخدم هذا التوجه تعزيز الأمن الغذائي وتنويع الاقتصاد غير النفطي. وتُوجّه استثمارات كبيرة نحو مشاريع البيئة والمياه والزراعة، ما يساهم في رفع الإنتاج المحلي وتعزيز مساهمة الزراعة في الناتج الوطني بشكل مستدام. وتشير أهداف الرؤية إلى أن كل تقدم بسيط في هذا المجال يُسهم في بناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة.
تحقيق التوازن بين الأمن الغذائي والكفاءة
يشكل الأمن الغذائي أحد الأهداف الحيوية لرؤية 2030، حيث تسعى المملكة إلى ضمان استقرار الإمدادات الغذائية والأسعار، مع تقليص الهدر الغذائي الذي يتجاوز حالياً 33% من إجمالي الإنتاج الغذائي، بتكلفة تصل إلى 40 مليار ريال سنوياً. وتهدف الرؤية إلى خفض هذا الهدر إلى 15% فقط بحلول عام 2030. ومن خلال تحسين الوعي وأنظمة سلاسل الإمداد، يمكن للمملكة تعظيم مساهمة الزراعة في الناتج المحلي ودعم أمنها الغذائي في الوقت ذاته، بما يحمي الموارد الاقتصادية ويدعم النمو المستدام في القطاع الزراعي.
التحديات البيئية والحلول التقنية
تفرض الطبيعة البيئية في المملكة تحديات كبيرة على الإنتاج الزراعي المحلي، إذ لا تتجاوز الأراضي الصالحة للزراعة 1.5% من إجمالي مساحة البلاد، مما حد تقليدياً من مساهمة الزراعة في الناتج المحلي وزاد الاعتماد على الواردات. إلا أن المملكة بدأت في مواجهة هذه التحديات من خلال تبني تقنيات زراعية متقدمة مثل الري بالتنقيط، وإدارة المياه الذكية، والزراعة في بيئات محكمة. وتُعد هذه الابتكارات جزءاً أساسياً من استراتيجية التحديث الزراعي، إذ تساعد في تحسين كفاءة الموارد وزيادة الإنتاج، ما يسهم تدريجياً في رفع مساهمة الزراعة في الناتج المحلي رغم التحديات البيئية.
التنويع الاقتصادي وتعزيز مساهمة الزراعة
رغم أن الزراعة لا تزال تمثل مساهمة صغيرة نسبياً مقارنة بالقطاع النفطي، إلا أن دورها في الاقتصاد غير النفطي يزداد أهمية. وبلغت مساهمة الزراعة 4.3% من الناتج المحلي غير النفطي في عام 2023، ما يعكس التحديات الحالية والإمكانات الكبيرة المتاحة. وتسعى مبادرات رؤية 2030 إلى دعم هذه المساهمة من خلال استثمارات موجهة، واعتماد التكنولوجيا، وتقليص الهدر الغذائي. ومن خلال تحسين الكفاءة والإنتاج، يُتوقع أن تلعب الزراعة دوراً أكبر في التنويع الاقتصادي وتعزيز استقرار القاعدة الاقتصادية للمملكة.
طريق ثابت نحو مستقبل زراعي مزدهر
تشير البيانات إلى مسار واضح لزيادة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي السعودي ضمن إطار رؤية اقتصادية شاملة. ومع الأرقام القياسية في الناتج الزراعي، وأهداف الرؤية الطموحة، والمبادرات الرامية إلى تقليل الهدر وتعزيز الإنتاج، تحقق المملكة تقدماً ملموساً. ورغم استمرار التحديات البيئية، فإن دمج التقنيات الحديثة والتركيز على الكفاءة يشير إلى مستقبل واعد. وستبقى الزراعة ركيزة أساسية في جهود المملكة نحو تنويع الاقتصاد، وضمان الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على الواردات، ودعم النمو المستدام.