سوق خدمات الطعام في السعودية يتجه نحو 51.64 مليار دولار بحلول 2033
يتطور سوق خدمات الطعام في السعودية بسرعة، متجاوزاً مفاهيم تناول الطعام التقليدية، ليصبح منظومة ديناميكية تقودها تغيرات في سلوك المستهلك، وتوسع حضري متسارع، وقطاع سياحي مزدهر. وتقدّر قيمة السوق حالياً بـ26.61 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 7.66% ليصل إلى 51.64 مليار دولار بحلول عام 2033. هذا النمو اللافت تقوده الرغبة المتزايدة في تناول وجبات مريحة وسريعة، والاهتمام المتصاعد بالأكل الصحي، ونماذج المطاعم الرقمية التي تستجيب لاحتياجات جيل جديد من المستهلكين.
الأكل الصحي يعيد تشكيل قوائم الطعام في السعودية
يشهد السوق تحوّلاً ثقافياً نحو أنماط حياة صحية، حيث بات المستهلك السعودي أكثر اهتماماً بالوجبات العضوية، الغنية بالعناصر الغذائية، وقليلة السعرات الحرارية. وقد أدى الوعي المتزايد بالأمراض المرتبطة بنمط الحياة إلى ارتفاع الطلب على خيارات خالية من الجلوتين، نباتية، وصديقة لحمية الكيتو، ما يدفع المطاعم إلى إعادة التفكير في قوائمها. ويعتمد مشغلو خدمات الطعام الآن بشكل أكبر على المكونات الطازجة والمحلية، في حين تشهد محلات العصائر والمطاعم التي تركز على السلطات رواجاً ملحوظاً. وتساهم مبادرات "رؤية 2030" التي تركز على الصحة العامة، في دفع السوق نحو مزيج يجمع بين المتعة الغذائية والوعي الصحي.
السياحة تقود النمو: إنفاق الزوار بلغ 49.33 مليار دولار
أدى استقبال السعودية لـ93.5 مليون سائح في عام 2022، من بينهم 16.5 مليون زائر دولي، إلى تحويل سوق خدمات الطعام إلى وجهة عالمية للذواقة. من مطاعم الرياض الراقية، إلى الواجهات البحرية في جدة، والتجارب التراثية في العلا، أصبحت المملكة تستقطب عشاق الطعام من مختلف أنحاء العالم. فعاليات مثل "موسم الرياض" و"شتاء طنطورة" ساهمت في تسليط الضوء على المطبخ السعودي، عبر دمج النكهات التقليدية بالتقنيات الحديثة، لتقديم تجارب طعام غامرة تستهوي الجمهور المحلي والدولي.
توصيل الطعام والمطابخ السحابية يرسمان مستقبل المطاعم
من بين جميع التغيرات التي شهدها السوق، كان التوصيل الرقمي للوجبات من أكثرها تأثيراً. منصات مثل "جاهز"، و"HungerStation"، و"UberEats" غيّرت مفهوم الراحة في الطلب، عبر تمكين المستخدمين من الوصول إلى آلاف المطاعم بضغطة زر. ولا تزال التفضيلات التي نشأت بعد الجائحة—مثل التوصيل بدون تلامس—تغذي هذا النمو، مما يدفع العلامات التجارية إلى تبني استراتيجيات رقمية بالكامل. كما أن صعود "المطابخ السحابية"، التي تعمل بدون صالات طعام، يوفر نموذجاً فعالاً من حيث الكلفة، ما يمكّن رواد الأعمال من التوسع السريع دون أعباء تشغيلية تقليدية.
التحديات: ارتفاع أسعار الغذاء وضغوط التشغيل
ورغم التوسع اللافت، تواجه السوق تحديات ملموسة تتمثل في تقلب أسعار الغذاء وتعقيدات سلاسل التوريد. لا تزال السعودية تعتمد بشكل كبير على استيراد السلع الغذائية، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية في الحبوب، ومنتجات الألبان، واللحوم. وتؤثر عوامل خارجية—من الأزمات الجيوسياسية إلى اختناقات الشحن—على تكاليف التوريد. كما أن اعتماد السوق المتزايد على خدمات التوصيل يفرض ضغوطاً إضافية على الربحية، نظراً لحاجة الشركات إلى الاستثمار في البنية الرقمية والخدمات اللوجستية الخاصة بالتوصيل الأخير.
النمو الإقليمي: المناطق الشرقية والغربية تقود التوسع
تشهد مناطق المملكة نمواً متفاوتاً في قطاع خدمات الطعام، مدفوعاً بالتركيبة السكانية والتحولات الاقتصادية. ففي المنطقة الشرقية، تعرف مدن مثل الدمام، والخُبر، والجبيل إقبالاً متزايداً على المأكولات العالمية والمطاعم الراقية ومفاهيم "الوجبات السريعة الفاخرة". أما المنطقة الغربية، بقيادة جدة ومكة والمدينة، فتشهد ذروة الطلب الموسمي على الغذاء بسبب السياحة الدينية. وتضمن تواجد العلامات العالمية إلى جانب العلامات المحلية ازدهار ثقافة الطعام التي تخدم المواطنين والمقيمين والزوار على حد سواء.
سوق خدمات الطعام في السعودية أمام عقد من التوسع المستمر
في ظل التحديث الشامل، وتغير سلوك المستهلك، وخطط تنويع الاقتصاد، يستعد سوق خدمات الطعام في السعودية لمرحلة نمو غير مسبوقة. سواء من خلال تجارب الطهي الفاخرة، أو منصات التوصيل المعتمدة على التكنولوجيا، أو الاتجاهات الصحية في تناول الطعام، فإن القطاع يُعد من بين أكثر الأسواق ديناميكية في المنطقة. ومع تقدم رؤية 2030، سيواصل قطاع خدمات الطعام الابتكار والنمو، ليُرسّخ مكانة المملكة كوجهة طعام رائدة ذات مشهد طهي متنوع ونابض بالحياة