تحليلات السوق العقاري السعودي – الربع الأول 2025: نمو متسارع يقوده التمويل العقاري والسياحة والطلب المؤسسي
يواصل سوق العقار في المملكة العربية السعودية صعوده القوي في الربع الأول من عام 2025، مدفوعًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7%، ومبادرات حكومية جريئة، وزيادة في الاستثمارات الأجنبية. وقد أدى توسع القطاع غير النفطي بنسبة 4.2% إلى إعادة تشكيل المشهد الحضري، حيث تتصدر الرياض الطلب على المكاتب، مما رفع الإيجارات بنسبة 21% على أساس سنوي. وقفز التمويل العقاري بنسبة 28.3% مدفوعًا بتمويل الشقق، بينما يشهد قطاع الضيافة ازدهارًا بفضل 30 مليون زائر، وارتفعت إيجارات القطاع الصناعي بنسبة 14% نتيجة لنمو قطاع الخدمات اللوجستية. في هذا التقرير، نرصد أبرز اتجاهات السوق العقاري في السعودية خلال الربع الأول من 2025.
سوق المكاتب في الرياض يسجل قفزة بنسبة 21% في ظل ارتفاع معدلات الإشغال
يؤدي نقص المساحات المكتبية الفاخرة في الرياض إلى إعادة تشكيل مشهد العقارات التجارية، حيث ارتفعت إيجارات المكاتب من الفئة الأولى والفئة "A" بنسبة 21% على أساس سنوي في الربع الأول من 2025. هذا النمو لا يُعد مجرد تصحيح للسوق، بل يعكس الطلب المتزايد من الشركات متعددة الجنسيات التي تنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة، بالإضافة إلى توسع الشركات المحلية.
ومع بلوغ إشغال المكاتب من الفئة "A" نسبة 98%، تتنافس الشركات على مواقع مميزة، ما أدى إلى ارتفاع الإيجارات في جميع الفئات. حتى المكاتب من الفئة "B"، التي تُعد خيارًا اقتصاديًا تقليديًا، شهدت زيادة في الإيجارات بنسبة 19% خلال العام الماضي. وبالرغم من أن مشاريع ضخمة مثل "ساحة الدرعية" و"مقر حديقة الملك سلمان" من المتوقع أن تخفف الضغط، فإنها لن تكتمل قبل أواخر 2026، مما يترك السوق على المدى القريب لصالح المُلّاك.
التمويل العقاري يقفز بنسبة 28.3% في ظل ارتفاع معدلات التملك
يشهد تمويل الإسكان انتعاشًا ملحوظًا، حيث أصدرت البنوك السعودية قروضًا عقارية جديدة بقيمة 8.91 مليار ريال حتى فبراير 2025، بزيادة مذهلة تبلغ 28.3% مقارنة بالعام السابق. يُلاحظ أن معظم الطلب موجه نحو شراء الشقق، في تحول عن النمط التقليدي الذي كان يركز على الفلل المستقلة.
وتقود الرياض هذا التوجه بارتفاع أسعار العقارات بنسبة 10.7%، ما يثير مخاوف بشأن القدرة على تحمل التكاليف. فقد ارتفعت أسعار الفلل وحدها بنسبة 10.3% على أساس سنوي، في ظل طلب قوي من الأسر وندرة في المعروض. لمواجهة هذا التحدي، تدرس الهيئة العامة للعقار (REGA) وضع حدود للإيجارات، إلى جانب مبادرات لفتح احتياطيات الأراضي للتطوير.
قطاع التجزئة ينمو إلى 116 مليار ريال مدفوعًا بالمبيعات السياحية
يشهد قطاع التجزئة السعودي تغيرًا ملحوظًا، حيث بلغت معاملات نقاط البيع 116 مليار ريال في أول شهرين من عام 2025، بزيادة 8% عن نفس الفترة من 2024. ويقود هذا النمو قطاع السياحة المزدهر، وتغير أنماط الاستهلاك، وتزايد عدد السكان.
وتشهد الرياض تحولًا في قطاع التجزئة مع مشاريع مثل "جوهرة الرياض" (120,000 م²) و"أفينيو مول" (370,000 م²). ورغم هذا التوسع، تبرز مخاوف من فائض محتمل في المعروض، خاصة مع توسع المراكز التجارية في المواقع الثانوية بوتيرة سريعة.
قطاع الضيافة يحقق إنفاقًا قياسيًا بقيمة 153.61 مليار ريال
يشكل قطاع السياحة محركًا رئيسيًا في اقتصاد المملكة، حيث بلغ الإنفاق السياحي الوافد 153.61 مليار ريال (40.95 مليار دولار) في عام 2024، بزيادة سنوية قدرها 13.82%. كما ارتفع عدد الزوار الدوليين بنسبة 9.5% ليصل إلى 30 مليون زائر، وأصبحت السياحة غير الدينية تمثل غالبية الرحلات.
ومع اقتراب فعاليات عالمية مثل "إكسبو 2030" و"كأس العالم 2034"، يتسارع تطوير الفنادق في المملكة، التي تهدف إلى إضافة أكثر من 426,000 غرفة جديدة، لتلبية احتياجات الزوار من الفئات الفاخرة والاقتصادية. وتُسارع سلاسل الفنادق العالمية في توسيع حضورها، مدفوعةً بالإمكانات السياحية الطويلة الأمد للمملكة.
ارتفاع إيجارات القطاع الصناعي بنسبة 14% بدعم من الطلب اللوجستي
يشهد القطاع الصناعي في السعودية طفرة في النشاط، مدفوعة بتوقعات بزيادة أرباح شركات البتروكيماويات بنسبة 11% في 2025. وأسهم هذا النمو في رفع إيجارات المستودعات والمرافق الصناعية، حيث شهدت الرياض زيادة سنوية بنسبة 14% لتصل إلى 206 ريالات لكل متر مربع سنويًا.
تواصل الاستثمارات في البنية التحتية دعم هذا القطاع، مع مشاريع كبرى مثل "مركز أوكتاغون" في نيوم ومنشأة لوجستية بقيمة 4 مليارات ريال قرب الرياض. وتُسهم المبادرات الحكومية ضمن "رؤية 2030" في تسريع التنمية الصناعية، ما يعزز موقع المملكة كمركز رئيسي في سلاسل الإمداد العالمية.
الخلاصة: عقارات السعودية تقود التحوّل الاقتصادي
تؤكد تحليلات السوق العقاري في السعودية أن المملكة تمر بتحول كبير، تقوده قطاعات المكاتب، والإسكان، والتجزئة، والضيافة، والصناعة. من قفزة في التمويل العقاري بنسبة 28.3%، إلى نمو إيجارات المكاتب بنسبة 21%، ووصول مبيعات التجزئة إلى 116 مليار ريال، و30 مليون زائر يدفعون قطاع الضيافة، تثبت المملكة مكانتها كمركز عالمي للاستثمار العقاري.
ومع تسارع تنفيذ مشاريع "رؤية 2030"، سيبقى النمو المستدام واستقرار السوق من السمات الأساسية لمشهد العقارات السعودي في السنوات القادمة.